کد مطلب:239515 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:135

ملاحظة لابد منها
و من الامور الجدیرة بالملاحظة هنا : أن المأمون كان یقدر أن مجرد



[ صفحه 243]



جعل ولایة العهد للامام، سوف یكون كافیا لتحطیمه اجتماعیا، و اسقاطه نهائیا من أعین الناس ؛ حیث یظهر لهم بالعمل - لا بالقول : أن الامام رجل دنیا فقط، و أن تظاهره بالزهد و التقوی ما هو الا طلاء زائف، لا واقع له، و لا حقیقة وراءه ... و لسوف تكون النتیجة هی تشویه سمعة الامام (ع)، و زعزعة ثقة الناس به ؛ و ذلك بسبب الفارق الكبیر بالسن، بین الخلیفة الفعلی، و بین ولی عهده ؛ اذ أن ولی العهد لا یكبر الخلیفة الفعلی بسنتین، أو ثلاثة، أو خمسة ، لا .. بل اكثر من ذلك بكثیر، انه یكبره ب »22« سنة، و انه لمن الامور غیر الطبیعیة أبدا : أن یقبل ولایة العهد، و هو یكبر الخلیفة الفعلی بهذا المقدار الكبیر من السنین، و لسوف یكون قبوله لها - مع هذا الفارق بینهما - موجبا لجعله عرضة لشكوك الناس، و ظنونهم، و لسوف یتسبب بوضع علامات استفهام كبیرة حوله .. كما كان الحال . بالنسبة لسؤال محمد بن عرفة، و كلام الریان المتقدم .. و لسوف یفسر [1] ذلك من أولئك الذین لا یدركون حقیقة ما یجری، و ما یحدث، - و ما أكثرهم - بتفسیرات تنسجم مع رغائب المأمون، و أهدافه . لأنهم سوف یرون أن زهده (ع) بالدنیا، لیس الا ستارا تختفی وراءه مطامعه فیها، و حبه المستمیت لها، حتی أنه لیطمع أن یعیش الی ما بعد الخلیفة الفعلی، الذی هو أصغر من ولده، و یصل الی الحكم ... و باختصار نقول :



[ صفحه 244]



انه یرید أن : « .. یعتقد فیه المفتونون به بأنه : لیس بما ادعی فی قلیل و لا كثیر .. » حسبما صرح به هو نفسه .. و علی حد قول الامام نفسه، الذی كان یدرك خطة المأمون هذه : « .. أن یقول الناس : ان علی بن موسی، لم یزهد فی الدنیا، بل زهدت الدنیا فیه؛ ألا ترون كیف قبل ولایة العهد طمعا بالخلافة ؟! .. » .

و عن الریان قال : « دخلت علی الرضا ؛ فقلت : یا ابن رسول الله، ان الناس یقولون : انك قبلت ولایة العهد، مع اظهارك الزهد فی الدنیا ؟!!، فقال (ع): قد علم الله كراهتی .. » [2] و قد أشرنا الی سؤال محمد بن عرفة، و كلام الریان فیما تقدم .

و علی أی شی ء یبكی المأمون، و من أجل أی شی ء یشقی و یتعب، و یسهر اللیالی، و یتحمل المشاق .. الا علی هذا .. ان هذا هو أجل أمنیاته و اغلاها ..


[1] و لكنا، مع ذلك نجد : أن قسما من أصحاب الرضا عليه السلام، ممن كانوا يراقبون الأحداث بوعي و دراية، كانوا يدركون نوايا المأمون و أهدافه هذه ففي البحار ؛ ج 49 ص 290، و عيون أخبار الرضا ج 2 ص 239 : أنه قد سئل أبوالصلت : « كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا مع اكرامه و محبته له، و ما جعل له من ولاية العهد بعده ؟! فقال : ان المأمون كان يكرمه و يحبه لمعرفته بفضله، و جعل له ولاية العهد من بعده، ليري الناس أنه راغب في الدنيا ؛ فلما لم يظهر منه الا ما ارداد به فضلا عندهم، و محلا في نفوسهم، جلب عليه الخ .. ».

[2] علل الشرايع ص 238، و البحار ج 49 ص 130، و أمالي الصدوق ص 45 ،44.